بسم الله الرحمن الرحيم
{ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ}
{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ}
{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ}
قال النسفي: {ومن لم يحكم بما أنزل الله } مستهيناً به {فأولئك هم
الكافرون}. قال ابن عباس رضي الله عنهما: من لم يحكم جاحداً فهو كافر وإن
لم يكن جاحداً، فهو فاسق. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: هو عام في اليهود
وغيرهم. {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} بالامتناع عن ذلك.
{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون} الخارجون عن الطاعة. قال
الشيخ أبو منصور رحمه الله: يجوز أن يحمل على الجحود في الثلاث، فيكون
كافراً ظالماً فاسقاً، لأن الفاسق المطلق والظالم المطلق هو الكافر.
وقال القرطبي: قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم
الكافرون}، {الظالمون}، {الفاسقون}، نزلت كلها في الكفار، وقيل فيه إضمار
أي من لم يحكم بما أنزل الله رادّاً للقرآن وجاحداً لقول الرسول صلى الله
عليه وسلم فهو كافر، قاله ابن عباس ومجاهد، فالآية عامّة على هذا. قال ابن
مسعود: والحسن هي عامة في كل من لم يحكم بما أنزل الله من المسلمين واليهود
والكفّار، أي معتقداً ذلك ومستحلاً له، فأمّا من فعل ذلك وهو راكب فهو من
فسَّاق المسلمين، وأمره إلى الله تعالى، إن شاء عذّبه وإن شاء غفر له.
وقال الرازي في تفسيره: فقال عكرمة: قوله: {ومن لم يحكم بما أنزل الله
فأولئك هم الكافرون}، إنما يتناول من أنكر بقلبه وجحد بلسانه أما من عرف
بقلبه كونه حكم الله، وأقرَّ بلسانه كونه حكم الله إلا أنه أتى بما يضاده،
فهو حاكم بما أنزل الله تعالى ولكنه تارك له فعلاً، فلا يلزم دخوله تحت هذه
الآية وهذا هو الجواب الصحيح والله أعلم.
وفي تفسير البيضاوي: {ومن لم يحكم بما أنزل الله} مستهيناً به منكراً له
فأولئك هم الكافرون، لاستهانتهم به وتمردهم بأن حكموا بغيره، ولذلك وصفهم
بقوله: {الكافرون}، {الظالمون}، {الفاسقون}. فكفرهم لإنكاره، وظلمهم بالحكم
على خلافة، وفسقهم بالخروج عنه.
وجملة القول: أن الحاكم إذا حكم بغير ما أنزل الله فإنه فاسق ظالم. فإن
اعتقد الصلاح فيما يحكم، ورأى أن ما أنزل الله تعالى غير صالح، فإنه يكون
كافراً، والله أعلم.
فما بال المسلمين اليوم يسكتون عن حكّامهم، الذين يحكمون بغير ما أنزل الله، وأغلبهم يقول إنه غير صالح!
هؤلاء الحكام لا يكتفون بتطبيق أحكام الكفر الوضعية على المسلمين، ضاربين
عرض الحائط بأحكام الله تعالى وأوامره وشرعه. الحنيف. إنهم يفضلون دساتير
سويسرا وفرنسا وأوروبا الوضعية مصدراً لتشريعاتهم بدلاً من وحي الله تعالى
وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
نعم، إنهم لا يكتفون بذلك، بل وينصبون أنفسهم أعداء لدين الله ولأمة الإسلام:
يحاربون الدين، ويعملون إلى الصدّ عن سبيل الله ودينه ما استطاعوا إلى ذلك
سبيلاً. بل ويكرّسون كل إمكانياتهم في محاربة المخلصين من أبناء الأمة
الذين انبروا يدعون إلى تطبيق الإسلام وعودته إلى الحياة.
إنهم ـ علموا أم لم يعلموا ـ حماة الكفر في ديار الإسلام! والله لا يرضى عن هذا أبداً.
فالله تعالى أمر المسلمين أن يتولوا المؤمنين المتقين ونهاهم عن تولي غيرهم، فضلاً عن تولي غيرهم، الذين يحاربون إقامة شرعه!