اقسم برب البنا ان امرأه من فلسطين بألف رجل منكم (اعلم علم اليقين ان من سيسلم مفاتيح القدس ومكه هم امثالكم ولاكن نعاهد الله ثم نعاهد انفسنا على ان نمضى قدما على دماء الشهداء وعلى طريق الصحابه وان كنتم الاف تشجعون الكره بهذه الطريقه الساقطه فنحنوا مائه مليون استشهادى فى انحاء العالم وان على موعدا مع الصبح اليس الصبح بقريب)
أعترف أنني لا أحب كرة القدم، ولا أحب الركل والرفس ولا أخفي أنني لم أفهم يوماً لماذا يركض الناس وراء كرة. وكنت أتمنى ولا أزال أن تتوزع الأمة بين علماء ومفكرين ومنظرين وأدباء وشعراء وصناع وحرفيين. وأن يركض الناس خلف كل مفيد يساهم في تطور البلاد وسعادة العباد. لم أكن مقتنعاً منذ أن كنت طفلاً بما كان يقوله المدرس لنا من أن كرة القدم تقرب الشعوب من بعضها، بل وتساهم في الوحدة العربية!!. هذه الوحدة التي لم تتحقق رغم اللغة الواحدة والعادات المتشابهة، ورغم الوطن الواحد الذي نعيش فيه ناهيك عن تاريخ واحد ومآل واحد. بينما ستساهم كرة القدم في توحيد أقطار الوطن العربي وتزيد المحبة بين شرقه وغربه وشماله وجنوبه. هكذا كان يقول لي أحد المدرسين عندما كان يجبرني على ممارسة كرة القدم خلال حصة الرياضة، وكنت ولله الحمد من أصحاب درجة الصفر في هذه المادة. اليوم أرى بأم عيني كيف تساهم كرة القدم، في توحيد الشعوب العربية والقضاء على النعرات بينها، ولقد رأيتم كما رأينا هذه الوحدة الملحمية بين مصر والجزائر بسبب مباراة ستجري بين الفريقين في اليوم الرابع عشر من الشهر الجاري. فقد قام مشجعو المنتخب الجزائري بتصوير الفريق المصري على أنه مجموعة من العرايا والفاسقات، بينما رد المصريون برسم امرأة يلفها العلم الجزائري وتحتها عبارة "ارقصي يا خضرا". فقام شجعان الجزائر بحرق العلم المصري وتسيير مظاهرات بشرية وإلكترونية ضد مصر وتوعدوا بتكسير أرجل المصريين وفضحهم في بلادهم، وذهبوا أبعد من ذلك إذ فتحوا الملفات التي لا تحب الحكومة المصرية الخوض فيها، والتي لا مقام لها في هذا المقال. وعندما اشتدت معركة الوحدة بين مصر والجزائر قام قراصنة المسياح"النت" بالهجوم على مواقع بعض الصحف الجزائرية فتم تدميرها والعبث بها وغابت عن جمهورها عدة أيام. ولأن العرب شجعان فرسان، رد المقاتلون الجزائريون على إخوانهم في مصر بمهاجمة موقع الإذاعة والتلفزيون في المسياح وكذلك موقع صحيفة الأهرام وغيرها من الصحف المصرية. واستمر التراشق بين الشعبين الشقيقين ولا يزال مستمراً بالرغم من بعض المحاولات البائسة للتهدئة الإعلامية. وردة الجزائرية بدورها لم تسلم من هذه المعركة، فبعد تصريحها بأنها تتمنى فوز المنتخب الجزائري هاجمها المصريون بشدة وطالبوا حكومتهم بعدم السماح لها بدخول القاهرة أو إحياء الحفلات هناك. المصريون كتبوا لأشقائهم الجزائريين سنجعلكم مليون وأحد عشر شهيداً في إشارة إلى الفريق الجزائري الذي سيسقط في ملعب القاهرة، وأعلنت بعض الفنادق القاهرية بأنها لن تستقبل الإخوة والأشقاء من الجزائر، لا اللاعبين ولا المشجعين. المعركة لا تزال مستمرة، بل ازدادت سوءاً وقد عالجها القوم أكثر مما عالجوا حرب الكيان الصهيوني على غزة الصامدة، ووصلت الاشتباكات اليوم إلى الهجوم على الحكومات في البلدين واستهزاء كل طرف بالأخر في أكله وعاداته وأسلوب كلامه، حتى طعام "الكوس كوس" لم يسلم من الإهانة والاستهزاء. وبعد كل هذا، هل يصدق معلمي في الابتدائية أن كرة القدم لا توحد وإنما تثير النعرات والمشكلات و تخلق الكآبة عند الخاسر والغرور عند الفائز. هل يعرف معلمي أطال الله عمره، أن الحكومة المصرية ستضع عشرين ألف شرطي في المدرجات وحول الملعب خوفاً من اندلاع الشغب ووقوع ضحايا. وهل يحب معلمي أن يعترف أن إنشاء لعبة كرة القدم في أصلها ما جاء إلا لإلهاء الناس عن كل مكرمة، وإشغالهم بكل سطحي ساذج. وهل أدرك الرجل أن مباريات كرة القدم كانت في كثير من الحالات سبباً في قتل بعض المشجعين واللاعبين أيضاً، و من أبناء الوطن الواحد، فما هذا الحب الذي تفرزه كرة القدم السحرية بين الناس. الفريقان عربيان، ولو تأهل أي منها لكأس العالم لكان خيراً لهما لا فرق، ولكن التصرفات التي سبقت هذه المباراة بينت بما لا يدع مجالاً للشك، أن الحكومات مستفيدة بشكل أو بآخر من هذا الصراع، ولا ريب أنها تريد أن تظهر لنا، أن الجزائر مختلفة عن مصر وتلك مختلفة عن سورية وهذه عن السعودية، وأن الشعوب العربية شعوب متناحرة متباعدة بل ومتعادية، فالحكومات العربية وللأسف الشديد تبذل كل جهد في إبعاد الشعوب العربية عن بعضها ولا تتوانى في تشجيع الاعتداءات اللفظية بين الأشقاء العرب بهدف تكريس المخطط الغربي – الصهيوني بالقضاء على أي أمل في الوحدة العربية. وهذا بالضبط ما استغلته صحيفة معاريف الصهيونية مؤخراً وأبدت ابتهاجها به ، فقد لعبت على حبال تصريحات المشجعين من الطرفين لتقول في النهاية أن العرب يكرهون بعضهم بعضاً وما عليكم إلا النظر في تصريحات المصريين والجزائريين لتصدقوا ما نقول. إنني أنصح بشدة الرئيسين المصري والجزائري بحضور هذه المباراة، ليس لمشاهدتها والتمتع بصور الراكضين خلف كرة، ولكن لتهدئة النفوس وتحجيم المشكلة والقضاء عليها قبل أن تبدأ. كما أنني أنصح الرئيسين أن يوجها شعبيهما الفقيرين إلى مصادر العلم والتنمية والإبداع، وليت الحكومتين العربيتين تنصرفان إلى حماية المواطن في بلديها من الظلم السياسي والفقر والقهر، وليتهما تهتمان بمستقبل المواطن ودعمه وانتشاله من حالة الهوان التي يعيشها في بلده. مباراة كرة قدم، تكاد تودي بعلاقات الشعبين المصري والجزائري، فليت شعري كيف سيقف العرب كأمة واحدة في وجه المخطط الصهيوني الرامي إلى احتلال الفرات والنيل، وكيف لأمة تنشغل بمباراة كرة قدم لدرجة التشاتم أن تدافع عن فلسطين أو العراق أو الصومال. أجدني مضطراً لأرفع التحية لأولئك الرجال الشرفاء في فلسطين والعراق، والذين لا يملكون الوقت لمشاهدة تلك المباراة أصلاً وأحمد الله أن في أمتنا مقاومة شريفة لا وقت لديها لمضيعة الوقت، فبينما يلهو بعض المشجعين بالشتم والسب، ويلهو غيرهم بمتابعة قنوات الرذيلة يقف في العراق وفلسطين رجال مدافعين عني وعنك وحتى عن أولئك اللاهين.