ابو عمر عضو مشارك
عدد المساهمات : 53 تاريخ التسجيل : 07/04/2011 العمر : 34
| موضوع: واأسفاه من حياة على غرور.. وموت على غفلة.. ومنقلب الى حسرة.. ووقوف يوم الحساب بلا حجة 2011-05-06, 06:00 | |
| واأسفاه من حياة على غرور.. وموت على غفلة.. ومنقلب الى حسرة.. ووقوف يوم الحساب بلا حجة.. واأسفاه.. واحسرتاه.. انتبه.. انتبه..
معرفة النفس: باستقباح ما كنت عليه: انتبه.. انتبه..
إذا كملت عظمة الحق في قلبك.. فإنك تستحيي وتخاف أن تعصيه وهو يراك.
فمطالعة الجناية : بكمال عظمة الله في قلبك.. أن تعرف عظمة من عصيت.. فتعظم المعصية.. فمن كملت عظمت الحق تعالى في قلبه.. عظمت عنده مخالفته..
ونضرب لذلك مثالا:
عن أنس بن مالك قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بإمرأة تبكي عند قبر.. فقال لها
:" إتقي الله واصبري" فقالت: إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي.. ولم تعرفه صلى الله عليه وسلم.. فقيل لها.. إنه النبي صلى الله عليه وسلم فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوابين.. فقالت: لم أعرفك.. فقال:" إنما الصّبر عند الصدمة الأولى". البخاري (1283) كتاب الجنائز.
الشاهد: أنها لم تكن تعرف النبي صلى الله عليه وسلم.. فجهلت عليه.. قالت: إليك عني إنك لم تصب بمصيبتي .. فلما قيل لها: إنه النبي صلى الله عليه وسلم.. علمت أنها أخطأت.. فالذي يجهل عظمة الله ولله المثل الأعلى يجهل عليه.
فإذا عرفت الله.. عظمت المخالفة عندك.. لذلك فإن المؤمن ينظر الى ذنبه كأنه في أصل جبل.. يخشى أن يهوي فوق رأسه..
فاللهم عافنا من الذنوب والمعاصي.. رحماك بينا فإنك من تق السيئات فقد رحمته.. فاللهم اجعلنا من المرحومين..
هذه الأولى.. تعظم الجناية بمعرفتك الله.
معرفة النفس: باستقباح ما كنت عليه:
الثانية.. هي معرفة النفس.. هكذا دائما تقترن معرفة الله بمعرفة النفس.. ليخرج منها نوعين جليلين من العبودية.. محبة الله.. والازدراء على النفس..
يقول ابن القيّم:
لا ينتفع بنعمة الله بالإيمان والعلم إلا من عرف نفسه.. فوقف بها عند حدها.. ولم يتجاوزه الى ما ليس له.. ولم يتعد طوره.. ولم يقل هذا لي.. وإنما يوقن أنه لله وبالله ومن الله...
كثير من الاخوة والأخوات تجده يتهم نفسه.. يقول لنفسه: عاص مذنب مقصر.. قلبي أشد من الحجر.. لكنه في الحقيقة معجب بنفسه.. لا يسعى لإصلاحها.. فهذه معرفة لا تفيد.. إنما الذي يعرف نفسه يقف بنفسه عند درها.. ولا يتجاوزه الى ما ليس له.. لا يتعدى دوره.. هذا هو الذي عرف نفسه.. فتيقن أنه لله ومن الله وبالله.. فالله هو المانّ به ابتداء وإدامة.. بلا سبب من العبد ولا استحقاق منه.
قال تعالى:{ أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون} [الطور: 35].
{ما أشهدتم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا} [الكهف: 51]
{هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا* إنّا خلقنا الانسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سكيعا بصيرا} [الانسان: 1-2].
إنك لم تكن شيئا.. من نطفة أوجدك.. بدون استحقاق منك.. بل محض كرم وجود منه سبحانه وتعالى.
انتبه.. انتبه..
إذا علم العبد هذا وتيقنه.. فعلم أن الله هو المان به ابتداءا وإدامة.. بلا استحقاق من العبد.. وبلا سبب منه.. حينذاك تذله نعم الله عليه.. فعندئذ يرى أن الفضل كله لله.. وأنه من عليه دون أن يستحق أي نعمة.. فيذل لله.. وكلما زاده الله نعمة.. ازداد بها ذلا.. حتى يصير أذل الناس لله.. وهذه أعلى درجة من درجات العبودية.. فتذله نعم الله عليه.. وتكسره.. كسرة من لا يرى لنفسه ولا فيها ولا منها خيرا البتة.. فلا يرى فيها خيرا أبدا.. وأن الخير الذي وصل اليه فهو لله وبالله ومن الله.
وهذه نتيجة علمين شريفين.. علمه بربه..وعلمه بنفسه..
علمه بربه.. وبره وغناه.. وجوده وإحسانه ورحمته.. وأن الخير كله في يديه.. وهو في ملكه يؤتي منه من يشاء ما يشاء.. ويمنع منه من يشاء ما يشاء.
ثم علمه بنفسه.. ووقوفه على حدها.. وقدرها.. ونقصها وظلمها.. فالعبد دائم التذكر لهذين الأمرين.. لا ينسب لنفسه فضلا قط.. إذا قرأ القرآن فمن الله.. إذا صام النهار فمحض فضل من الله.. يعني توفيق وإعانة وقبول.. إذا قام الليل فبتوفيق الله.. وانظر لعله هناك من هو أعقل منك ولم يهده الله فلم يهتد..
فاحمد الله.. قال تعالى:{ من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا} [الكهف: 17].
يقول ابن القيّم:
فإذا صار هذان العلمان.. ألا وهما: معرفة نفسك ومعرفة ربك صبغة لها لا صبغة على لسانها.
فكثير منا يقول بلسانه: والله أنا مقصر..مذنب.. عاص.. ادع الله أن يهديني.. أنا أريد أن أتعلم .. أريد أن أقوم الليل.. هذه صبغة اللسان.. أما صبغة القلب فعلمه بنفسه وعلمه بربه.. فإذا صار هذان العلمان صبغة لها لا صبغة على لسانها.. علمت حينذاك أن الحمد كله لله.. والأمر كله لله.. والخير كله لله.. وأنه هو المستحق للحمد والثناء دونها أي دون نفسه وأن نفسه هي أولى بالذم والعيب اللوم.. ومن فاته التحقق بهذين العلمين تلونت به أقواله وأعماله.. فإيصال العبد الى الله بتحقيق هاتين المعرفتين علما وعملا.. وانقطاع العبد عن الله بفوات هذين العلمين علما وعملا.. وهذا معنى قولهم: من عرف نفسه عرف ربه.. فمن عرف نفسه بالجهل عرف الله بالعلم.. ومن عرف نفسه بالظلم عرف الله بالعدل.. ومن عرف نفسه بالعيب عرف ربه بالعز والجمال والكمال.. ومن عرف نفسه بالنقص عرف ربه بالعطاء والكمال..ومن عرف نفسه بالذل عرف ربه بالعز.. ومن عرف نفسه بالحاجة عرف ربه بالغنى.. ومن عرف نفسه بالمسكنة عرف ربه بالقوة والملك.. ومن عرف نفسه بالعدم عرف ربه بالجبروت.
وهكذا تعرف نفسك وتعرف ربك.. فإذا عرف نفسه وعرف ربه كان الله أحب شيئ اليه.. وأخوف شيء عنده.. وأرجاه له.. وهذه هي حقيقة الايمان العبودية.
يقول ابن الجوزي:
"والله لقد بكيت الليلة مما جنيته على نفسي بيد نفسي" نعوذ بالله من أنفسنا.. واها لك يا نفس.. النفس وما أدراك ما النفس.. أمّارة بالسوء.. ظلومة جهولة.. الإنسان وهذه نفسه.. إذا مسّه الشر جزوعا.. وإذا مسّه الخير منوعا.
الإنسان.. { وكان الانسان عجولا} [الاسراء:11] {وكان الانسان قتورا} [الاسراء:10] {وكان الانسان أكثر شيء جدلا} [الكهف 54] هذه نفسك.. جهول.. قتور.. حين ترى نفسك هكذا لا تعينك على عمل صالح أبدا.. تميل الى البطالة والكسل.. تميل مع الهوى وطول الأمل.. ترجو من الدنيا وتنسى الآخرة.. هذه نفوسنا والله.. إذا عملنا بعد أن جاهدنا تستأثر نفوسنا بأعمالنا.. فنعملها رياء وسمعة.. نعوذ بك اللهم من شرور أنفسنا .. فإذا عرفت نفسك أنها الحاملة على كل ذنب.. وأنها الدافعة الى كل معصية.. وأنها المانع في كل خير وعطية.. استعذت بالله من شرها.. وعرفت أن الخير بيد الله.. يؤتيه من يشاء.. وهو العزيز الحكيم..
نفسك إذا عرفتها. عرفت نفسك وعرفت الله.. عظمت المخالفة عندك.. نفسك انفرد بها لتوبخها.
يقول ابن القيّم:
واأسفاه من حياة على غرور.. وموت على غفلة.. ومنقلب الى حسرة.. ووقوف يوم الحساب بلا حجة. . واأسفاه.. واحسرتاه.. | |
|